رُهَاب المثليه!  "الهوموفوبيا"

مُقدمه:


تخلى العلماء منذ زمن عن فكرة تغيير الميول الجنسية لشخص ماواتفق أغلبهم على انعدام إمكانية "علاج" ما هو ليس بمرض من الأساس! ورفعت الولايات المتحدة الأمريكية المثلية الجنسية من لائحة الأمراض العقلية سنة 1973 وتبعتها في ذلك منظمة الصحة العالمية عام 1990. ومنذ ذلك الوقت حظي رهاب المثلية الجنسية بمزيد من البحث والتحقيق في أسبابه.


رهاب المثليه:

ما هو رهاب المثلية أو الهوموفوبيا؟
هو حالةُ خوفٍ من التواجد حول أشخاصٍ مثليين، أو حمل مشاعر كرهٍ أو ازدراءٍ نحوهم من قبل غيريي الجنس.
فما هو السبب؟ ما تفسيرُ حالةِ الخوفِ هذه؟ أو حالةِ الكرهِ تلك؟
وجدت دراسةٌ جديدةٌ نُشِرت في the Journal of Sexual Medicine أن هذا الشعورَ قد يُعزى لدى غيريّي الجنس إلى مشاكلَ نفسيةٍ، وأنّ ترافقَ هذه المشاكلِ مع خللٍ في آلياتِ التأقلمِ لدى الفردِ قد يولّد الهوموفوبيا، هذا لا يعني أن أولئكَ الأشخاصَ مريضون نفسياً، إلا أنه يقترح وجودَ بعضِ المشاكلِ النفسيةِ لديهم بحسب الدكتور Emmanuele Jannini مشرف البحث الذي أجري في جامعة Rome Tor Vergata.
وأضافَت الدراسةُ أنَّ هذا الموقفَ المعاديَ قد يقولُ أشياءَ كثيرةً عن أصحابه، فالأشخاصُ الذين يمتلكون نظرةً سلبيةً تجاهَ المثليين لديهم مستوياتٌ أعلى من الاضطراباتِ النفسيةِ ووسائلِ الدفاعِ غيرِ السويةِ مقارنةً بالأشخاصِ الذين يتقبلون المثلية الجنسية. كيف هذا؟
أراد الباحثون في هذه الدراسةِ أن يجدو الرابطَ بين الآلياتِ الدفاعيةِ للأشخاص وعلاقتَها بالهوموفوبيا، فقاموا بسؤالِ 551 طالباً جامعياً تتراوحُ أعمارُهم بين 18-30 عاماً، ليملؤوا استبياناً حولَ درجاتِ الهوموفوبيا لديهم وعن حالتهم النفسيةِ متضمنةً درجاتِ الاكتئابِ والقلقِ لديهم.
تطلّبَ سلمُ الدرجاتِ بالنسبة للهوموفوبيا أن يقيّم المشاركون قوةَ موافقتِهم أو عدمَها للمثلية في 25 حالةً منها: المثليون يجعلونني غاضباً / لا يجب على المثليين تبني الأطفال / أقوم بإطلاقِ النكتِ والسخريةِ من المثليين / لايهمني إن كانَ أصدقائي مثليي أو غيريي الجنس.
أجاب المشاركون أيضاً على أسئلةٍ حولَ حياتِهم ونمطِ علاقاتِهم الشخصيةِ التي تشمل فئتين: الأولى وهي النمط (الصحي أو الآمن) حيث يشعرُ الشخصُ بالراحةِ بالتقربِ إلى الأشخاصِ الآخرين أو بتقربِ الآخرينَ له، أما الفئة الثانية فيشعرُ الشخصُ فيها بعدمِ الراحةِ أو الثقةِ بالآخرين وعدمِ الأمانِ بالتقرب منهم.
وأخيراً أجابَ الطلابُ على أسئلةٍ حولَ آلياتِ التأقلم Coping Strategies لديهم، حيث يستعملُ الفردُ هذهِ الآلياتِ ليواجهَ مواقفَ حزينةً أو مخيفة.
يمكن أن تكون وسائلُ الدفاعِ Defense Mechanism هذه صحيةً (ناضجةً Mature: كالتحكم في مشاعرهِ وعدمِ اعتمادِه في رداتِ فعلهِ على الآخرين) أو غيرَ صحيةٍ (Immature غيرَ ناضجةٍ: رداتُ فعلٍ هجوميةٌ وسلبيةٌ، وإنكارٌ للمشكلةِ بحد ذاتها).
وبالنتيجةِ، وجدَتِ الأبحاثُ (اعتماداً على الاستبيان) أن الأشخاصَ الأقلَّ كرهاً للمثليين يتمتعونَ بصحةٍ عقليةٍ ونفسيةٍ أفضل، كما تبين أن أولئك الذين لا يرغبونَ بتكوين علاقاتٍ اجتماعيةٍ ولا يشعرون بالراحةِ في التعامل مع الآخرين، وكذلك من يمتلكون وسائلَ دفاعٍ غيرَ ناضجةٍ كانوا أكثر كرهاً للمثليين. ومن جهة أخرى، كان الأشخاص الذين يعانون من رُهابِ المثلية أكثرَ غضباً وعداءً تجاه الآخرين.
وجدت آخرُ الأبحاثِ أن الهوموفوبيا موضوعٌ معقدٌ، ولكن لم يسبق لأحدٍ أن يبحثَ في الصحة العقلية والنفسية لهؤلاء الأشخاص.
حيث اقترحت بعض الدراساتِ أن الأشخاصَ العدائيينَ تجاهَ المثليين والمثلية قد يمتلكونَ رغبةً مكبوتةً تجاه الجنس المماثل "أي أنهم مثليون أيضاً"، فيما اعترضتْ أبحاثٌ أخرى على هذه الفكرةِ وقالت أن هؤلاء الأشخاص يمتلكون فعلاً كرهاً شديداً تجاهَ المثليةِ الجنسيةِ تبعاً لعواملَ عديدة تعزز هذا الاعتقاد كالعواملِ الدينية أو الاجتماعيةِ، حساسية أكبر للاشمئزاز، كره للنساء، hypermasculinity "ذكورةٌ زائدة، بمعنى أنهم متعصبون لذكورتهم جداً".
هذه الموجوداتُ جميعُها تضعُ الهوموفوبيا كاضطرابٍ يُشاهَد عند الشخصيات غيرِ الوظيفية، ولكن هذه ليستْ كلُّ الحكاية.
فالهوموفوبيا يمكن اعتبارها (مرضٌ مُحرًّضٌ بالثقافة) حيث تتداخل عدةُ عواملَ في تعزيزِ هذا الشعورِ كالدين والعاداتِ المُحافِظة

صاحب مصطلح "هوموفوبيا" أي رهاب المثلية الجنسية وهو عالم النفس الأمريكي جورج فينبورغ، عرف المصطلح الجديد الذي أطلقه في ستينات القرن الماضي بـ" الخوف من الوجود بالقرب من مثليين"أصل  مصطلح "فوبيا" من الإغريقية ويعني الخوف غير المنطقي من شيء ما. في كتابه المجتمع و المثلي السليمالصادرعام 1972قال الدكتور فينبورغ: لا يمكنني الحكم على أي مريض بأنه أصبح سليما إلا إذا تخطى حكمه المسبق تجاه المثلية الجنسية .

يقول إيمانويل أ. جانيني أستاذ علم الغدد وعلم الجنس الطبي في جامعة روما تور فيرغاتا إن رهاب المثلية الجنسية ما هو إلا مؤشر(علامة) مرتبط ببعض خصائص الشخصية وإذا اقترن بالعنف يمكن تشخيصه كمرض نفسي.وأثار دكتور جانيني جدلا كبيرا بسبب دراسة نشرها في دورية الطب الجنسي عام 2015 ربط فيها رهاب المثلية الجنسية بالذهانية (وهي حالة نفسية تسيطر فيها أحاسيس الغضب والكراهية) وآليات الدفاع غير الناضجة (والتي قد تطغى عليها المشاعر) بالإضافة إلى التعلق بالوالدين النابع من الخوف ( والذي يرسخ إحساسا بعدم الاستقرار في العقل الباطن).وتعرضت الدراسة لانتقاد لاذع من المحافظين الذين قالوا إنها تدعم "هراء المثلية". لكن الدكتور جانيني دافع عن دراسته في لقاء لبي بي سي ووصف شخصية المصاب برهاب المثلية بـ"الضعيفة" رغم ان هذا الوصف غير علمي لكنه يستخدمه لتقريب الفكرة التي يريد إيصالها للمتلقي حسب قوله.

مقياس رهاب المثلية:

 استخدمت الدراسة ما أطلق عليه إسم "مقياس رهاب المثلية" وطبقت على طلبة 551 جامعة إيطالية وخلص منها الدكتور جانيني إلى أنه "بعد مناقشة ما إذا كانت المثلية الجنسية مرضا لقرون" أثبتت الدراسة "للمرة الأولى أن المرض الحقيقي الذي يجب ان يعالج هو رهاب المثلية الجنسية".

تأثير الثقافات:

يساهم المحيط  الاجتماعي والثقافي بشكل كبير في نحت شخصيات الأفراد. دراسة  أخرى لفريق الدكتور جانيني استكشفت العلاقة بين رهاب المثلية الجنسية والبيئة الثقافية التي تهيمن عليها المبالغة في مدح الصفات الذكورية بالإضافة إلى معاداة النساء والأحكام الأخلاقوية.والدراسة اعتمدت على مقارنة نتائج الاستطلاع شارك فيه 1048 طالب في ثلاثة بلدان ذات ثقافات وأديان مختلفة هي إيطاليا ذات الأغلبية المسيحية الكاثوليكية و ألبانيا ذات الأغلبية المسلمة و أوكرانيا ذات الأغلبية الأرثودوكسية.قال الدكتور جانيني إن الملفت في نتائج هذه الدراسة هو ما أثر في معدلات انتشار رهاب المثلية لم يكن أيا من الأديان في حد ذاته ولكن المعتقدات الدينية المتطرفة في كل بلد.

تأثير الأنماط السائدة:

وتقول دراسة أجراها الدكتور باتريك ر. غرزانكا الأستاذ المساعد في علم النفس في جامعة تينيسي عام 2016 إن الهوموفوبيا مرتبطة بعامل آخر وهو الأنماط السائدة.ويقول الدكتور غرزنكا إن "الانحياز الضمني" الراسخ في عقول الناس هو الذي يجعلهم جاهزين لقبول أحكاما مسبقة معينة. ويؤكد اعتقاده بأن الطريقة المثلى لمجابهة رهاب المثلية الجنسية هي تثقيف الناس حول "الآخرين" كما يرونهم. ويعتقد الدكتور غرزنكا أنه ليس هناك دافع فطري للخوف غير العقلاني من الأقليات الجنسية حيث أن المثلية كانت مقبولة ومشروعة وممجدة حتى في بعض الفترات من التاريخ البشري. وفي عام 1999 عارض نحو ثلثي الأمريكيين الزواج المثلي، بعد عشرين عاما وجدت استطلاعات رأي أن  أقل من الثلث فقط يرفضون المثلية بينما يدعمها أكثر من ثلثي المجتمع الأمريكي.ويقول الباحثون إن أكثر من 10 بالمائة من المثليين البالغين متزوجون من نفس جنسهم وإن ظهورهم للعموم يساعد في تغيير موقف بعض الناس المعترض على وضعهم القانوني وبالتالي ظهورهم أكثر بشكل اعتيادي يساعد على تغير المواقف المعادية للمثلية.وليس هناك تأكيد إن كان علاج الهوموفوبيا ممكنا، لكن الباحثين يؤكدون أنهم يسيرون على الطريق الصحيح ويقتربون أكثر من فهمها.

 خِتامــــــــا:-
•نحنُ معكم دائماً حدثونا بأي وقت تريدون! ولن نخذلكم أبداً فنحن في خدمتكم علي مدار اليوم!
نتمني للوطن العربي
#نفسيه_سويه_دائمه
شكراً للجمــــــــيع ♥
Relax Group