العلاج الدوائي VS العلاج النفسي

عزيزي القارئ...
 يُعد الوسواس القهري أحد أكثر الأمراض النفسيه إعاقه(
disability) ،وأكثر الأمراض التي تسبب ألماً لصاحبها لإرتباطها المباشر بالشعور والذي يدعم ذلك ويقويه هو حالة "الوعي الكامل" الذي يمتلكه الشخص المصاب. فنجد الأمر بالغ الصعوبه والقدره على التحمل والتعايش مع ذلك الإضطراب. بخلاف بعض الأمراض النفسيه الأخرى التي ربما تكون حتي أقل بكثير من هذا الإضطراب المذكور.. إضطراب الوسواس القهري يؤثر بدرجه شديده على الحياه الأسريه ،والحياه الإجتماعيه ،والعلاقات ،والعمل ،والإنتاجيه. ووفقا لمنظمة الصحه العالميه أن الوسواس وهو السادس أكثر الإضطرابات النفسيه المعيقه والمعطله. حتى في الأشخاص الذين أثبتو وجود مستويات غير مرتفعه من هذا الإضطراب. وُجِدَ أنهم يعانون من إعاقه في اكثر من اهتمام، ومجال في حياتهم اليوميه. ويرتبط الوسواس القهري إرتباط وثيق ببعض مظاهر سوء التوافق " poor compatibility" مثل:- 
•إضطراب مفهوم الذات. 
•نقص جوده الحياه.
 ضعف الوظيفه الجنسيه. 
•خلل المشاعر وتقلبها. 
•خلل المزاج وتقلبه.  ويحكم الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس (DMS-5)على الشخص بالإصابه في حاله وجود إما وساوس ،أو افعال قهريه ،أو كليهما معا. حيث قد تكون الوساوس إما (أفكار أو صور ذهنيه) مستمره ومتردده وتسبب القلق والضيق. أو توجد على هيئه اندفاعات لعمل شيء سلبي ؛والأفعال القهريه تكون على هيئه أفعال تكراريه علي سبيل المثال غسيل اليد المتكرر ،الترتيب، المراقبه، الفحص الخ.... أو أفعال عقليه مثل الدعاء، والعدد، وتكرار كلمات في صمت .الخ .... جميع الأمور هذه يشعر الفرد أنه مساق لأدائها أو وفقاً لقواعد تطبق بشكل متصلب في عقله. بهدف التقليل من وجود الفكره في العقل والتقليل من القلق الناجم عنها أو إعتقاد منه أنها ستمنع بعض الأحداث أوالمواقف المروعه كما لدى بعض الحالات. ومن هنا بدأ العلماء والباحثين والأطباء جهودهم في الوصول الى حل أو طريق للعلاج. وقاموا بدراسه هذا الإضطراب علي مدار سنوات طويله جاهدين للوصول الى وسيله نحو التخلص منه أو السيطره عليه ،أو حتى التقليل من أعراضه المزمنه علي أصحابه. ومن هنا بدأ العلماء، والخبراء ،والباحثين ،والأطباء بالعمل على بعض الأدويه التي قاموا بتجربتها معملياً ،وبعد ذالك على المرضى حتى ستينيات القرن الماضي ووجدو أنها لا جدوى منها حتى العلاج الدينامي الذي كان يستخدم وقتها في بعض الأمراض النفسيه الأخرى لم يحظَ هو الآخر بنتائج مرضيه. واستمر ذلك حتى 10 سنوات مما جعل الباحثين يعتبرونه مرض عنيد ومقاوم للعلاج...  ولم يستمر ذلك الإعتقاد طويلا فتواصلت البحوث من جديد بشكل كبير وبذل مجهود مكثف في البحث عن حل لهذا الأضطراب العنيد. حتى قامو بالتوصل الى تطور ملحوظ في العقدين الأخرين من القرن الماضي. حيث تمثلت المجهودات في اكتشاف عقار الكلومي***** وكان يختلف هذا العقار في ذلك الوقت عن أقرانه من مضادات الإكتئاب وكانت فكرته في القدره على إعاده امتصاص إسترداد السيروتونين أو بمثابة مثبط لإسترداد السيروتونين(SRI). والتي كانت حينها خطوه جادة وبداية لمنظور تطور الأدويه النفسيه التي تقلل من أعراض هذا الأضطراب؛ ومع هذا الأمل الذي رسمه هذا الدواء وجد الباحثين بعض المشاكل عند إجراء البحوثات والتقارير على هذا العقار؛ وكانت أبرز المشكلات للعلاج الدوائي بمثبطات إسترجاع السيروتونين في وقتها عند معظم المرضى الذين تتحسن لديهم بعض أعراض المرض وجدوا أنهم يفتقدون المكاسب التي يحصلون عليها من هذا العقار. وأن حاله التحسن التي لم تكن بنسب مرضيه مرهونه بتناول أو إستمرار استخدام الدواء. ونظراً إلى المشكلات التي احاطت بالعلاج الدوائي تجلت ضروره الإهتمام بالعلاجات النفسيه؛ وكان العلاج "السلوكي فقط" هو العلاج النفسي الأكثر شيوعا في ذلك الوقت حيث توجهت انظار الباحثين والخبراء في هذا المجال الى ذلك العلاج الذي شهدو أنه في حل لمشكلات العلاج الدوائي. وحينها أُجريَ عدد من الدراسات للوقوف على فعالية العلاج "السلوكي فقط" لمرضى الوسواس القهري وهنا كانت المفاجئه حيث وجدت الدراسات فاعلية الآساليب السلوكيه في علاج هذا الأضطراب وكانت من هذه الأبحاث ما يلي: Hadzi-pavloic,andrews&mattic1987,krone,himle&nesse1991,turner&latimer1984 حيث بينت هذه الدراسات ان المرضي الذين يتلقون علاجاً سلوكياً يحتفظون بمكاسب العلاج الدوائي أكثر من الذين يتلقون علاج دوائي ثم يسحب منهم. ومن هنا ووجد أن إضافه العلاج السلوكي فقط إلى العلاج الدوائي يقلل بشكل جوهري من حدوث الإنتكاسات بعد وقف الدواء الكيميائي؛ وبالرغم من أن ذلك التفسير كان في الماضي القديم نشد العلماء، والخبراء، والباحثين إلى أن العلاج السلوكي فقط يعد أفضل بكثير من مثبطات استرداد السيروتونين. حتى لو لم يستخدم معه العلاج الدوائي بعد ذلك. ومنذ ذلك الحين أصبح العلاج السلوكي هو محض إهتمام لجميع القائمين على تطوير العلاج النفسي لهذا الأضطراب. خاصة أنهم وجدو أنَّ هناك بعض الحالات التي تستعمل العلاج السلوكي نتيجه إيمانهم الشديد بما يقومون بفعله ويجدون أنهم على حق وكانت هذه الحالات وقتها يرفضون تلقي العلاج السلوكي ومنهم من كان يرى انه غير مريض ولا يحتاج حتى لأي دواء او اسلوب علاجي.،( وذلك لأن لديه معتقدات وقناعات فكريه بالإضافه الى النقيض وهو الضلال الفكري والمعرفي حول الأشياء التي كانت تسبب لهم هذا الإضطراب)؛ وعاودت الأبحاث مجراها مره أخرى للوصول إلي حل شامل وكامل لجميع الحالات الوسواسيه؛ فقام الخبراء من جديد وعزمو على بذل قصارى جهدهم في إيجاد حل وطريق أقوى وفعال بنسبه أكبر في علاج هذا المرض واعراضه المرهقه . وأكتشفو أن هناك بما يسمى "وسيط معرفي" يعوق جزء كبير من فاعلية العلاج السلوكي وكذلك العلاج الدوائي.. حيث توصلو الى وجود بعض المخططات و المعتقدات الخاطئه التي أسميت بإسم "قبل الشعوريه" preconsciousschemas" واللاتوافقيه التي بمجرد العمل عليها والكشف ووصل حلقه العلاج بعد الكشف عن هذه المخططات والمعتقدات ثم محاوله تصحيحها و ثم جاء المسمى العلمي للمنحنى المعرفي الذي اسمي بعد ذلك "علاج معرفي"Cognitive therapy" في تفسير وعلاج ذالك الإضطراب ؛وتناولت البراهين والأدله والنظريات ذلك الإضطراب. وبعد إجراء البحوثات بالوقوف مره أخرى على فعاليه العلاج المعرفي في علاج إضطراب الوسواس القهري. أظهرت النتائج التي أبرزت دور العلاج المعرفي للوصول الي تحسناً ملحوظاً في الحالات ؛ وعندما أضيفت الفنيات المعرفيه للعلاج السلوكي من أجل العلاج النفسي لذلك الإضطراب وُجِدَ أنها تقدم علاج للوسواس بشكل جوهري وعظيم جداً مما جعل الباحثين في ذهول أمام النتائج المُرضيه التي فاقت التوقعات؛ وبعدها قام الخبراء بدمج العلاج السلوكي والمعرفي معاً.. حيث وجدو منهج للعلاج النفسي للوسواس لم يسبق له مثيل على الإطلاق... حيث قدم آنذاك العلاج "المعرفي السلوكي" قيمه كبيره و مدى تأثير جبار وفعلي وعظيم في علاج هذا الإضطراب ووجدو أنه بإضافه العلاج المعرفي الى العلاج السلوكي يمنع نهائياً من ظهور علامات وأعراض الإنتكاس بعد ذلك . كما كان في سابق عهده من استخدام العلاج الدوائي بمثبط امتصاص السيروتونين أو العلاج السلوكي بمفرده.. وبعدها توجه الباحثين الى إقامه بحوث لا حصر لها حول فعاليه العلاج الفعال "المعرفي السلوكي" "CBT ويقول رائد الإتجاه المعرفي وقتها [سالوفيسكيس] أن المنهج الناجح والفعال في علاج الوسواس هو الجمع بين الفنيات المعرفيه والفنيات السلوكيه. حيث بدا لهم و بشكل قوي انه حتى يعالج الأفكار والمعتقدات السلبيه والأفكار المقتحمه السلبيه والأفكار الإجتراريه [ruminative thoughts] وكذلك الإقتراحات الوسواسيه. كذلك التخلص الجوهري من الأعراض المصاحبه للوسواس مثل: الخوف ،والقلق، والتوتر، وتقلب المزاج والأعراض الجسديه الأخرى مثل: تسارع نبضات القلب أو بطئها أو صعوبه التنفس النفسيه، والتقلب المزاجي.  هذا ما جعل الباحثين يرون أن الوسواس القهري أخيراً أصبح تحت سيطرتهم.  ومن وقتها بات العلاج المعرفي السلوكي العلاج الأول لإضطراب الوسواس القهري مع العلم ان هناك مدارس علاجيه اخرى تناولت الوسواس القهري لكن ظل العلاج المعرفي السلوكي أهم علاج حتى الآن؛ وبإضافه القليل من نماذج المدارس العلاجيه الأخرى الى العلاج المعرفي السلوكي نجد الأمر يصبح اكثر فائده وفاعلية. لأن كل شيء كان يحول بين المصاب وبين الشفاء تم تحطيمه.  ومنذ ذلك الحين كان يتم تحديث الوسائل العلاجيه والآساليب والأنماط والتمارين العلاجيه بإستمرار للحصول على أفضل جوده علاج ممكنه.  و خلال الفتره بين 1980 الى 2006 أجريت تحليلات بعديه للدراسات في هذه الفتره واشارت الى الكفاءه المطلقه لهذا الأسلوب العلاجي العظيم .أهم هذه التحليلات[rosa-alcazar,goues&malin] وغيرها من التحليلات التي أفادت الباحثين بشكل أوسع وأعم؛ وبات العلاج المعرفي السلوكي نقطه فيصليه في جميع الدراسات التي اجريت عليه، وبات العلاج المعرفي السلوكي اكثر العلاجات تأثيراً في الوسواس القهري من حيث الفكر، والعقل، والفعل، والسلوك. اذن 
ماهي أوجه الشبه والإختلاف بين العلاج الدوائي والعلاج النفسي للوسواس القهري؟ 


أوجه الشبه بين العلاجين:- 
1- أنهما يستخدمان لنفس الإضطراب تحديداً ويحدثون تأثير.  
2-  الإثنان يخففان من الأعراض.  
3- الإثنان يتم تلقيهم عن طريق مختص •الدوائي عن طريق طبيب نفسي؛ •والنفسي عن طريق معالج نفسي.
 * أما أوجه الاختلاف تتمثل فيما يلي: 

 •من حيث المده.  •من حيث قوة التأثير والفاعليه.  •من حيث الإحتفاظ بالمكاسب الإنتكاسات.  •من حيث الجرعه الفعاله.  •من حيث الإقتصار. •من حيث نسب الشفاء. •من حيث الأعراض الجانبيه. •المزايا. (1)من حيث المده: تختلف مدة العلاج بالدواء عن مدة العلاج النفسي  بحيث يأخذ العلاج الدوائي فتره طويله حتى يظهر تحسناً؛ وياخذ فتره أكبر ربما تمتد لشهورعديده  حتى يظهر تحسناً ملحوظاً. أما العلاج النفسي على العكس تماماً فهو أسرع بمعدل هائل من العلاج الدوائي؛ وفتره علاجه ربما فقط تحتاج للقليل من الجلسات. (2)من حيث قوة التأثير والفاعليه:  نجد العلاج النفسي (المعرفي السلوكي) وغيره يأخذ النصيب الوافر والجوهري في علاج إضطراب الوسواس القهري، أما تأثير العلاج بالدواء مرهون بإستمرار الدواء ويمتلك نصيب أقل من العلاج المعرفي السلوكي في علاج الوسواس القهري. (3)من حيث الإحتفاظ بالمكاسب وحالة الإنتكاس:  يحتفظ العلاج النفسي بمكاسبه أكثر من العلاج الدوائي الذي بمجرد التوقف عنه يحدث في الغالب ما يعرف به الإنتكاسه " His relapse is satisfactory " أما علاجات CBT تنمع الإنتكاس بشكل نهائي. (4)من حيث الجرعه الفعاله:  العلاج الدوائي لن تتحد جرعاته المناسبه إلا من خلال التجربه على مدار أكثر من ثلاث شهور ويكون الطبيب هو المسؤول عن ذلك. أما جرعه العلاج النفسي تكون من الدقائق الأولى من أول جلسه علاجيه يتم تحديد الطريقه والأسلوب أو رسم الخطه العلاجيه المناسبه من أول جلسه علاجيه على يد المعالج المختص. (5)من حيث الإقتصار: لا يقتصر العلاج النفسي على حالات معينه على عكس العلاج الدوائي الذي ربما لن يأتي بنتائج مع بعض الحالات.   (6)من حيث نسب الشفاء:  يتفوق العلاج النفسي على العلاج الدوائي بنسبه كبيره ومضمونه من حيث نسب الشفاء العاليه. (7)من حيث الأعراض الجانبيه: يوجد العديد من الآثار الجانبيه عند إستخدام العلاج الدوائي، وهذا على العكس تماماً من العلاج النفسي الذي لا يمثل أدني خطوره ،ولا يوجد له أدني أثر جانبي.  -المزايا:  نجد العلاج النفسي يحظى ويمتلك النصيب الكامل من المزايا مقارنه بالعلاج الدوائي من حيث ماتم ذكره.
 ختاماً :
 في النهايه نسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفي كل من أصيب بهذا الإضطراب القهري.  **كما نتمنى للجميع**  #نفسيه_سويه_دائمه
 Relax Group