الضغط النفسي هو رد فعل الجسم تجاه العوامل المحيطة من تحدِّيات ومخاوف وأشياء تحدُث في حياة الإنسان تندرج جميعها تحت مسمى "الضغوطات الاجتماعية"؛ والتي تنشأ من علاقة الإنسان مع البيئة الاجتماعية المحيطة فيه والتي لا يمكن الانعزال عنها؛ وذلك لأنَّ الإنسان كائن اجتماعي بطبعه ولديه حاجات ورغبات لا يمكن تلبيتها إلَّا بوجود علاقات تربطه بالآخرين.
على سبيل المثال الحاجة إلى العمل، فمهما كانت الوظيفة التي تعمل فيها جيدة، غالباً ستعاني من ضغوطات في العمل نتيجة زميل أو مدير صعب المراس أو العملاء، وبالطبع ستنعكس تلك الضغوطات سلباً على الحياة الشخصية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى مختلف مجالات الحياة، فلا يُوجَد فرد منَّا يعيش مرتاح البال بصرف النظر عن العمر أو العمل أو الخلفية الاجتماعية؛ وذلك لأنَّ تجارب الحياة صعبة ومشكلاتها كثيرة ولا يمكن الهروب منها؛ لذلك من الأفضل أن نعرف كيفية التعامل مع هذه الضغوطات ليبقى الإنسان في حالة نفسية جيدة نوعاً ما تساعده على الاستمرار في العمل والسعي إلى تحقيق الأهداف والأمنيات.
أسباب ومحفزات الضغوطات الاجتماعية:
يُوجَدُ العديد من الأسباب التي تحفِّز الشعور بالضغوطات الاجتماعية وأبرزها ما يأتي:
1. توقعات غير واقعية:
يسعى الإنسان بطبعه إلى الأفضل ويتمنى حصول أشياء جيِّدة، لكنْ إن كانت الأمنيات والتوقعات لا تمتُّ للواقع بصلة، فيتسبب ذلك بخيبة أمل كبيرة.
2. التغييرات الكبيرة:
التي تنقل الإنسان من وضع إلى آخر كالانتقال من المنزل دون رغبة في ذلك، أو فصل من العمل، أو الطلاق، أو موت شخص مقرب وعزيز، وحتى الأحداث السارَّة يمكن أن تكون ذات تأثير سلبي كالزواج مثلاً.
3. الخوف:
يشعر بعضنا بخوف من تغيير الحال إلى الأسوأ أو التعرُّض لخطر ما أو الابتعاد عن شخص ما، فنبقى في حالة توتر وعدم استقرار وشعور بعدم السيطرة على الأمور.
آثار الضغوطات الاجتماعية:
تترك الضغوطات الاجتماعية بعض الآثار النفسية السلبية التي تؤثِّر في حياة الإنسان بمختلف جوانبها، ومن تلك الآثار نذكر ما يأتي:
- مشكلات في النوم.
- تشتت الذهن وصعوبة في التركيز.
- الخمول أو فقدان الاهتمام والشغف.
- القلق والتوتر والعصبية والشعور بالغضب.
- الاكتئاب.
- الصداع.
- الغثيان ومشكلات في الجهاز الهضمي وخاصةً المعدة؛ لأنَّها شديدة التأثُّر في الحالة النفسية.
- فقدان الوزن بسرعة أو زيادته نتيجة تناول طعام غير صحي وخاصةً السكريات، فمعظم الناس يزداد تناولهم للطعام عند تعرُّضهم للتوتر والقلق.
- فقدان الثقة في النفس أو في الآخرين.
كيفية التعامل مع الضغوطات الاجتماعية وتحسين الحالة النفسية:
بعد اكتشاف الآثار النفسية السلبية للضغوطات الاجتماعية لا بدَّ من إيجاد طرائق مناسبة للتعامل معها لتحسين الحالة النفسية وجعلها بأفضل شكل، وفيما يأتي مجموعة نصائح تساعد على ذلك:
1. حدِّد مصادر الضغوطات:
التعامل الفعَّال مع الضغوطات الاجتماعية يبدأ من خلال تحديد مصادرها بدقة؛ لذلك فكِّر جيداً في حياتك وتذكَّر تفاصيلها بدقة واكتبْ كل الأشياء التي تسبب لك حالة نفسية سيئة أو تعكِّر مزاجك وتمنعك عن الراحة.
2. حاولْ تغيير ما يتسبب في الضغط:
بعد تحديد مصادر الضغط بدقة يجب أن تحاول الابتعاد عن كل مسبباته؛ فمثلاً إن كانت مشكلتك مع أحد أفراد العائلة أو مع شريكك، فالأفضل أن تناقشه وتحاولا الوصول إلى حل يجعل الحياة أفضل، أو إن كانت المشكلة في العمل، فيجب البحث عن عمل أفضل، أو محاولة تغيير المنزل في حال كنتَ تعاني من عدم الراحة فيه أو عدم الرضى عن الحي الذي تعيش فيه، وينطبق الأمر نفسه على مختلف الأشياء التي تتسبب بالضغط لك.
3. تجنَّبْ التفكير السلبي:
كلٌّ منا يمتلك جوانب سلبية في حياته كما يمتلك جوانب إيجابية، ولكي تصبح حياتك متوازنة عليك التركيز في الجوانب الإيجابية والتفكير فيها كما تفكِّر في الأشياء السلبية؛ حتى تعتاد مع الوقت على التركيز في الأشياء الإيجابية فقط. على سبيل المثال، إن كان عملك صعباً، ولكنَّك تمتلك عائلة مترابطة ومتحابة تقدِّم الدعم النفسي لك؛ فاكتب قائمة بالأشياء الإيجابية التي تمتلكها في الحياة ودوِّن إنجازاتك والذكريات التي تسعدك؛ لتعود وتقرأ ما كتبتَ كلَّما شعرتَ بالضيق، فتتذكر أنَّك قادر على تجاوز الصعوبات كما تجاوزتها سابقاً، وتحدَّث إلى نفسك دائماً بشكل إيجابي كأن تقول: "أنا قادر على حل المشكلة كما حللت غيرها سابقاً"، و"أنا سعيد في حياتي"، واشكرْ الله دائماً وتذكَّر أنَّ الشكر يديم النعم.
4. نظِّم يومك:
الإنسان له دور كبير في إيقاع نفسه بالضغوطات التي تتسبَّب في تدمير علاقته بالآخرين وتراجعه في العمل وغير ذلك، ولتفادي الضغوطات يُفضَّل أن تنظِّم وقتك يومياً من خلال ترتيب الأولويات؛ فتقوم بإنجاز المهام الأصعب أولاً ومن ثم الأقل أهمية بالترتيب، واحذرْ من العمل على إنجاز أكثر من مَهمَّة معاً كي لا تشتِّتَ تركيزك وتتوتر، وحاولْ أن تكون واقعياً عند تخطيطك ليومك؛ فلا تخطِّط لأشياء لا يمكن إنجازها في يوم واحد مثلاً ثم تشعر بخيبة الأمل والغضب عندما تفشل في ذلك.
5. لا تفكر في الأشياء التي لا يمكن تغييرها:
تُوجَد مشكلات في الحياة لا يمكن تغييرها مهما فكَّرنا فيها؛ كالأمور السياسية مثلاً أو الأحول البيئية، فأنت لا تملك من الأمر شيئاً يساعدك على التغيير، أو عند فقدانك لشخص مقرب؛ الأمر الذي يترك الأوجاع التي لا يمكن تخطيها في النفس، لكنْ يجب التأقلم معها فلا يمكننا تغيير الواقع.
6. تقرَّبْ إلى الأشخاص الإيجابيين:
ممَّن يساعدوننا على رؤية جوانب حياتنا الإيجابية والأشياء التي ميَّزنا الله بها، وتقرَّب إلى الأشخاص القادرين على التخفيف عنك عند الحزن أو الغضب ولا تعتقد أنَّ وجود الأصدقاء في حياتنا والخروج معهم رفاهية؛ بل هو ضرورة لتتمكَّنَ من التخلُّص من الطاقة السلبية وتعيد شحن طاقتك فتشعر بالسعادة والرضى.
7. مارسْ الرياضة بانتظام:
لقد أثبتت الدراسات دور الرياضة الهام في التخلُّص من هرمونات الضغط وزيادة هرمون الإندروفين المسبِّب للسعادة؛ لذلك خصِّص من وقتك ساعة يومياً لممارسة الرياضات التي تساعد على التخلُّص من الضغوطات؛ مثل ركوب الدراجة أو السباحة إضافة إلى المشي في الهواء الطلق لمدة لا تقل عن 30 دقيقة؛ فيساهم ذلك في تعديل المزاج وزيادة اللياقة البدنية من خلال التخلُّص من الوزن الزائد؛ والذي يسبب أيضاً حالة نفسية سيِّئة، إضافة إلى ذلك يُفضَّل ممارسة تمرينات اليوجا والتأمُّل يومياً؛ لأنَّها تساعد على التخلُّص من الضغوطات وتصفية الذهن وزيادة التركيز.
8. احرصْ على النوم الجيِّد:
الجسم يحتاج إلى قدرٍ كافٍ من النوم لكي تنخفض مستويات الإجهاد البدني وليستعيدَ طاقته فيتمكن من إنجاز المهام المطلوبة دون الشعور بالتعب، وعدد ساعات النوم الكافية لا يقل عن 7 ساعات يومياً للبالغين، أمَّا الأطفال وكبار السن فيحتاجون إلى النوم لمدة لا تقل عن 9 ساعات يومياً؛ لذلك حاولْ أن تنام باكراً وبنفس الموعد يومياً وحاول أن تستيقظ باكراً ليبقى مزاجك جيداً وتركيزك عالياً، وحاولْ أن تبتعد عن الأجهزة الإلكترونية قبل النوم لأنَّها قد تتسبَّب في القلق لك.
9. تناوَلْ طعاماً صحياً:
حاول أن تتبع نظاماً غذائياً صحياً؛ يكون خالياً من الوجبات الجاهزة والسكريات المصنعة والمشروبات الغازية وحتى الشوكولا التي تجعل المزاج جيداً فتأثيرُها مؤقت، وقد أكَّدَت الدراسات أنَّ هذه الأطعمة تشبه المواد المسببة للإدمان، فكلما ساءَت الحالة النفسية، زادت شراهة الإنسان لتناولها، ولكنَّ هذه الأطعمة تؤدي إلى الشعور بالتوتر والضيق بخلاف الأطعمة المفيدة التي تؤدي دوراً كبيراً في تحسين صحة الجسد والحالة النفسية؛ كالخضروات والفواكه والحبوب والسمك والأغذية غير المصنعة؛ لأنَّ الجهاز الهضمي ليس مسؤولاً عن هضم الطعام فقط؛ بل يساعد على تنظيم المزاج أيضاً، وتذكَّر دائماً أنَّ شرب الماء يُقلِّل من الإجهاد والتوتر، فقلته تجعل الجسم يفرز هرمون الكورتيزول المسؤول عن الضغط والإجهاد.
10. حاولْ أن تعيش كما ترغب:
جميعنا نرغب في أن نكون مثاليين طوال الوقت، ولكنَّه شيء مستحيل، والأفضل هو أن تعيش بالشكل الذي يجعلك سعيداً؛ وذلك لأنَّك لن تتمكَّن من إرضاء جميع المحيطين بك؛ لذلك إن لم تكن تريد فعل أمر طُلِبَ منك، فقل "لا" بشكل صريح ولا تكُنْ قاسياً على نفسك وتتحمل مسؤوليات وتبذل جهوداً تفوق طاقتك، وكنْ صادقاً دائماً بشأن مشاعرك.
في الختام:
حياة الإنسان الشخصية والمهنية تفرض عليه التعامل مع نماذج مختلفة من الناس، وتجعله يخوض في تجارب ويواجه صعوبات ومحن كثيرة تتسبب في تعرُّضه للضغوطات الاجتماعية التي تترك بعض الآثار السلبية في الحالة النفسية له؛ فتتسبَّب في القلق والتوتر ومشكلات في التركيز والنوم. لذلك يجب أن يعرف كل إنسان كيفية التعامل مع ضغوطاته الاجتماعية، ويبدأ ذلك بتحديد مصادر الضغط بدقة ومحاولة تجنبها قدر الإمكان وتجنُّب التفكير السلبي أيضاً ومحاولة التركيز في الأشياء الإيجابية، فجميعنا نملك جوانب إيجابية في حياتنا يجب أن نسعد بها، ويساعد على ذلك التقرُّب من الأشخاص الإيجابيين ممَّن يساعدوننا على التخلُّص من الطاقة السلبية. إضافة إلى ذلك فإنَّ ممارسة الرياضة يومياً تساعد على تعديل المزاج وتصفية الذهن، كما أنَّ تناول الطعام الصحي ضروري؛ لأنَّ الجسم السليم قادر على إنجاز المهام المطلوبة بنشاط وتركيز، ولا تنسَ تنظيم وقتك وترتيب مهامك يومياً بدءاً من الأصعب إلى الأسهل، وحاول أن تعيش كما ترغب، فلا يمكن أن نكون مثاليين مهما بذلنا من جهد.
ختامــــــــا:-•نحنُ معكم دائماً حدثونا بأي وقت تريدون! ولن نخذلكم أبداً فنحن في خدمتكم علي مدار اليوم!
نتمني للوطن العربي#نفسيه_سويه_دائمهشكراً للجمــــــــيع ♥
Relax Group